السلام عليكم
مَن منّا لا يتمنى أن يرى بيت الله الحرام، ومن منا لا يحلم أن يقبل الحجر الأسود الذي قبَّله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن منا لا يدعو الله تعالى أن يرزقه رؤية تلك الأراضي المقدسة التي عاش فيها خير البشر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم... [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] هو تلك الرحلة الروحانية المقدسة إلى بيت الله الحرام – الكعبة المشرفة، حيث تشتاق نفوس المؤمنين إلى تلك البقعة المباركة التي فضّلها الله على جميع بقاع الأرض فقال: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 96-97]. وقبل أن نمضي في رحلتنا هذه لابد من الإشارة إلى أن [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] الحج تضمنت جميع العبادات، ففيها التوحيد لله والإقرار بالعبودية له وحده، وفيها الصلاة والصيام والزكاة، وفيها حسن الخُلُق، وفيها الدعاء وهو مخ العبادة....
رحلة إلى الله
تعتبر رحلة الحج طريقاً سهلاً للوصول إلى مرضاة الله تعالى، ويعتبر الحاج إلى بيت الله الحرام ضيفاً حلّ في ضيافة الله تعالى، فماذا نتوقع من هذا الإله العظيم وهو أكرم الأكرمين؟؟ وقد فرض الله هذه العبادة على الناس مرة في العمر على الأقل فقال: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) [آل عمران: 97]. فما هي أسرار هذه الرحلة الرائعة، وما هي المنافع التي وعد الله بها كل حاجّ فقال: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) [الحج: 28]، وهل هنالك فائدة عظيمة من هذه الرحلة أم أنها مجرد رحلة عادية؟ قبل الإجابة عن هذه التساؤلات والتي سنكتشف من خلالها أسراراً علمية لم يكتشفها العلم الحديث إلا مؤخراً، قبل ذلك لابد من الإجابة عن سؤال: ما هو الحج؟
رحلة الحج ببساطة هي عبارة عن مراحل: تبدأ رحلة الحج من الميقات حيث يلبس الحاج لباس الإحرام وينوي الحج، الوصول إلى مكة المكرمة ليقبل الحجر الأسود ويطوف حول الكعبة سبعة أشواط ثم يطوف بين الصفا والمروة سبعة أشواط، ثم ينتقل إلى منى ليقضي يوم 8 ذي الحجة فيها، ثم ينتقل إلى عرفات ليقف فيها يوم 9 ذي الحجة حتى غروب الشمس ويدعو الله، ثم يعود إلى مزدلفة ليمضي فيها ليلته، ثم يتوجه إلى منى حيث يرمي إبليس بالحصى في 10 ذي الحجة وينحر الأضاحي ويحلق الرأس، ثم يرجع في نفس اليوم إلى الكعبة ليطوف حولها. ثم يعود إلى منى ليرمي الجمرات، ويقيم فيها ثلاثة أيام 11-12-13 ذي الحجة، ثم يتوجه إلى الكعبة ليطوف حولها طواف الوداع ويشرب من ماء زمزم [4].
الحج: "فرمتة" للنفس البشرية
يؤكد علماء البرمجة اللغوية العصبية أن الذي ينهك قوى الإنسان هو كثرة الهموم والمشاكل التي يتعرض لها في حياته، وأن أفضل طريقة لإعادة التوازن له هو أن يفرّغ هذه "الشحنات السلبية" المتراكمة بفعل الأحداث التي يمر بها. وعملية التفريغ هذه ضرورية ليتمكن الإنسان من العيش حياة أفضل وليستطيع استثمار طاقاته بشكل أفضل. ولذلك تجدهم كل عام يذهبون للسياحة والاصطياف ليفرغوا شيئاً من التراكمات السلبية ويستعيدوا نشاطهم وطاقتهم، ولكن إذا نظرنا للعالم الغربي فإننا نجد لديهم أكبر نسبة للاكتئاب على مستوى العالم، إذن هم يكتشفون العلاج ولكن لا يعرفون الطريق الصحيح لتطبيقه. والعجيب أن الإسلام ومنذ أربعة عشر قرناً أعطانا الطريق الصحيح لإعادة توازن الإنسان وتفريغ ما تراكم فيه من سلبيات، ولسنا بحاجة لمعرفة فوائد هذه العبادة لأننا نمتثل أمر الله تعالى، ولكن إذا علمنا هذه الفوائد ازددنا إيماناً إلى إيماننا.
إن رحلة الحج على ما فيها من مشقة وتعب وغربة وصعوبات، تعتبر حلم كل مؤمن لما يجده من الراحة النفسية الكبيرة بعد الحج. والغريب أننا إذا سألنا أي حاجّ قدم حديثاً من الأراضي المقدسة وقلنا له: ما رأيك بالعمل الذي قمتَ به، فسيقول على الفور: أتمنى أن أحج إلى بيت الله كل عام!! فما هو سرّ هذه الراحة النفسية التي يلمسها كل إنسان ذهب لأداء هذه الفريضة؟ إن الجواب بسيط، وهو أن هذه العبادة إذا أداها الإنسان بشكل صحيح فإنها تقوم بعملية "فرمتة" أو تفريغ الشحنات السلبية وإعادة شحن بالشحنات الإيجابية. وقد أجد في هذه الكلمة تعبيراً مفيداً لأن جهاز الكمبيوتر يحتاج إلى عملية "فرمتة" كل فترة وإلا فإنه سيتوقف عن العمل في نهاية الأمر. ومن عجائب ما وجدت في أحاديث النبي الكريم إشارة واضحة إلى هذا الأمر حيث يؤكد أن الحج يفرغ ما يحمله الإنسان من ذنوب وأخطاء، يقول عليه الصلاة والسلام: (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحجة المبرورة ثواب دون الجنة) [رواه ابن حبان في صحيحه]. ولكن إذا كان الحج ينفي الذنوب فكيف ينفي الحج الفقر؟ كما رأينا فإن هذه الرحلة تعيد للجسم طاقاته فيصبح أكثر قابلية للعمل وكسب الرزق ولذلك فإن الحج يساعد الإنسان على القضاء على الفقر!!
هنالك أمر غريب ولكنه مقبول علمياً اليوم في علم الطاقة، حيث نلاحظ أن لكل جسم هالة تنتشر حوله تحمل كمية من الطاقة. وإن الذي يقترب من الحجر الأسود ويلمسه ويقبّله يحسّ بنوع من أنواع الطاقة، وهذا يدل على خصوصية هذا الحجر المقدس وفائدة النظر إليه وتقبيله ولمسه، لأن ذلك يمدّنا بالطاقة، ولذلك فإن كل من يقبل هذا الحجر يشعر بنشاط وقوة غريبة [5]. وربما يكون هذا هو السر في عمل النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، أنه كان يبدأ الطواف من قرب هذا الحجر بعد تقبيله ولمسه وينتهي إليه، وعملية اللمس هنا لها دلالات في علم الطاقة، حيث تعبر عن اكتساب كمية من الطاقة من هذا الحجر، والله تعالى أعلم.
منافع لا تُحصى
من عظمة القرآن أنه تحدث عن منافع كثيرة للحج قبل أن يكتشفها العلم الحديث فقال تعالى: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) [الحج: 27-29]. ولو أردنا أن نتعمق أكثر في هذه العبادة العظيمة لم نستطع إحصاء فوائدها ومنافعها.
رمي إبليس بالحصى هو أحد مناسك الحج الأساسية.
قد يسخر منا بعض الملحدين لأننا نطوف حول الكعبة، ونرمي إبليس بالحصى، ونقف في عرفات، ويقولون إن المسلمين يتبعون عادات لا فائدة منها ويطبقون طقوساً ناتجة عن الخرافات والأساطير القديمة. ولكنني عندما تأملتُ هذه العبادات وجدتُ في كل منها فائدة عظيمة يعترف بها علماء الغرب أنفسهم. فلو درسنا كتب البرمجة اللغوية العصبية ورأينا الأساليب العملية التي ينصح بها المعالجون لرأينا تفسيراً علمياً لبعض أسرار هذه العبادات الرائعة.
فلو رجعنا إلى الكتب الأكثر مبيعاً في العالم نجد كتاب "مئة طريقة لتحفيز نفسك"، للمؤلف ستيف تشاندلر، يؤكد مؤلف هذا الكتاب على أهمية أن تتخيل في ذهنك الهدف الذي تريد تحقيقه دائماً لأن ذلك يساعدك على تحقيقه، وإذا ما فعلت ذلك بإتقان فإنك ستشعر وكأنك ولدت من جديد.
وما نقوم به في الحج من رمي لإبليس هو تطبيق عملي لقول تشاندلر، فعندما نرمي المنطقة التي تعبر عن إبليس، وبالطبع إبليس ليس موجوداً في هذه المنطقة فقط إنما هي رمز لذلك، فإننا عند ذلك نتخيل أن إبليس موجود ونقوم برميه بالحصى، ونتصور مع كل حصاة نرميه بها، أننا في حالة حرب معه وأنه عدو لنا وأننا يجب أن نحذر منه ومن وساوسه. وبالفعل بعد ممارسة هذه العبادة يحس الإنسان وكأنه وُلد من جديد، بل إن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام يقول: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) [متفق عليه]. إنها بالفعل ولادة من جديد يحس بها كل من أدى عبادة الحج بإخلاص.
الحج طريق إلى السعادة
لقد قام علماء النفس بالعديد من التجارب بهدف اختبار السعادة عند أشخاص مختلفين، فوجدوا أن السعادة الكبرى لا تتحقق بالمال أو النساء أو الجمال أو غير ذلك من زينة الدنيا، إنما وجدوا أن السعادة تكون أكبر ما يمكن عندما يسعى إنسان نحو هدف ويحاول تحقيقه ثم يتحقق هذا الهدف أخيراً. والمؤمن في تلهف دائم لزيارة بيت الله ومسجد رسوله، وتجد في داخل كل مؤمن حنيناً لهذا البيت العتيق، ورحلة الحج هي تحقيق لهذا الحلم أو الطموح، ولذلك فإنه يعطي المؤمن سعادة كبرى لا يمكن أن يشعر بها غيره.
الامتناع عن الجدال
هنالك عادات نادراً ما نلتفت إليها، مثل الجدال، فهذه العادة السيئة كثيراً ما تورث الخصام مع الآخرين وتسبب ضياع الوقت والجهد، إلا المجادلة بالتي هي أحسن، وهذه قليلة في عصرنا هذا. ومن أسس الحج الصحيح تجنب الجدال والمناقشات العقيمة. إذن الحج هو تمرين على رياضة الامتناع عن الجدال وممارسة التأمل والصمت، يقول تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) [البقرة: 197]. ولو تأملنا نصائح علماء البرمجة اللغوية العصبية نجدهم يؤكدون على ضرورة تمرين النفس على قلة الجدال، فهذا هو الدكتور ريتشارد كارلسون يقول: "لا تجادل فإن الجدال يسبب الخصام مع الآخرين" [7]. وهذا يدل على أن النتائج التي يحصل عليها علماء الغرب اليوم هي ذاتها التي وجّهنا الإسلام إليها!
توافق مع نظام الكون
كل شيء في هذا الكون يدور ويطوف حول مركز محدد، فالإلكترونات في الذرة تدور حول النواة، والكواكب تدور حول الشمس، والنجوم في المجرة تدور حول مركز المجرة، والمجرة تدور حول مركز لتجمع المجرات وهكذا... ولو تأملنا هذه الدورات نلاحظ أنها (غالباً) تتم من اليسار إلى اليمين، وسبحان الله لو تأملنا حركة الحجاج حول الكعبة نلاحظ أنها تتم بنفس الاتجاه أي من اليسار إلى اليمين، وكأننا عندما نطوف حول بيت الله إنما نتناغم مع حركة الكون كله، فكل شيء يسبح بحمد الله ويمتثل أمره ونحن في طوافنا نسبح بحمد الله ونمتثل أوامره، وهذا يعلمنا الصبر والخضوع لله تعالى ويعلمنا التواضع أيضاً.
ولو تأملنا منظر اصطفاف المؤمنين حول الكعبة ودورانهم من اليسار باتجاه اليمين نلاحظ التوافق العجيب بين دوران الكون وامتثاله لأمر الله، وبين دوران المؤمن وامتثاله لأمر الله تعالى!
وتعتمد عبادة الحج أساساً على الرقم سبعة، فالمؤمن يطوف حول الكعبة سبعة أشواط، ويسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط، ويرمي إبليس بسبعة أحجار على سبع مراحل أي 49 حجراً وهذا العدد هو 7×7 ، والغريب الذي لاحظتُه في القرآن أنه تحدث عن القبلة وهي الكعبة، وعندما بحثتُ عن كلمة (القبلة) في القرآن وجدتها تتكرر سبع مرات [8] أيضاً، فسبحان الله!
في عبادة الحج يعتبر المشي أمراً أساسياً في هذه العبادة. وتؤكد الأبحاث الجديدة أن رياضة المشي تساعد على شفاء الكثير من الأمراض المزمنة والمستعصية العلاج، كما تعتبر رياضة المشي أساساً في طب الشيخوخة وإطالة العمر!!! ويقول الأطباء إن المشي الطويل يشفي من سرطان القولون ويعالج آلام الظهر ويحسّن الذاكرة ويزيد قوة التركيز. أليست هذه من المنافع التي حدثنا الله عنها: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) [الحج: 28]. وهذه الآية نزلت في زمن كان الناس يعتقدون في أوربا أن الحج ما هو إلا عذاب للنفس وعقوبة وعمل لا منفعة منه!!
في دراسة حديثة لجامعة هارفارد الأمريكية أثبت الباحثون أن المشي بسرعة معتدلة ( بحدود 4-5 كيلو متر في الساعة) يؤدي إلى تخفيض الإصابة بأمراض القلب بنسبة 40 بالمئة عند النساء والرجال على حد سواء. وأكدت الدراسة أن المشي يحسن التنفس عند الإنسان، ويعزز نظام المناعة، ويقضي على الكآبة، ويساعد على الوقاية من نخر العظام، ويساعد على التخفيف من مرض السكر، كما يساعد على السيطرة على الوزن الزائد [9].
حتى إن العلماء بأمريكا بدأوا ينصحون الناس بالمشي بدلاً من استخدام السيارات لأن نسبة الناس ذوي الوزن الزائد تجاوزت 40 % [10] ، ويؤكدون أن الوزن الزائد يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأمراض القلب ومرض السكر، ويؤكد التقرير الصادر عن مركز السيطرة على الأمراض بأن أفضل أسلوب لحياة الأمريكيين هو المشي [11].
وفي دراسة حديثة تبين أن المشي يحرض إنتاج مادة شبيهة بالمورفين وتسمى endorphins في الجسم والتي تؤدي إلى الشعور السريع بالتحسن. ويؤكد علماء النفس أن المشي يكسبك احتراماً لذاتك وشعوراً بالارتياح [12]. وتنصح الدراسة بأن يكون اللباس والحذاء مريحين لتحقيق أفضل النتائج، وهذا ما أمرنا به الإسلام من خلال لبس لباس الحج والنعلين، فسبحان الله الذي أمرنا بهذه النصائح رحمة بنا!
الوقوف في عرفات للتأمل والدعاء ومراجعة النفس من أهم أركان الحج.
يعتبر العلاج بالتأمل أحد أهم أنواع العلاج بالطب البديل، ويعتبر العلماء أن التأمل يعالج اضطرابات القلق بشكل أساسي. إن التأمل هو إستراتيجية رائعة لتنظيم عمل الجسم والقضاء على مختلف الاضطرابات النفسية والعصبية [13].
إن رياضة التأمل تحسن القدرات العقلية وتكسب الجسم قدرة أفضل على النوم براحة تامة، ويزيد القدرة على الإبداع والقدرة على حل المشاكل، وزيادة النشاط العصبي للدماغ، كذلك فإن التأمل يزيد إفراز بعض المواد الكيميائية في الدماغ والتي تؤدي إلى إطالة العمر [14]!! هنالك تمارين ينصح بها علماء اليوغا اليوم، تمزج بين المشي والتأمل، ويؤكدون أن التأمل مع المشي يساعد على تطوير الروح والنفس معاً، ويزيد بشكل كبير من نشاط الدماغ وزيادة البصيرة وزيادة التفكر في الأشياء من حولنا [15].
النظر والتأمل في الكعبة المشرفة تمنح المؤمن طاقة إضافية بسبب الألوان المهيبة التي يراها، فإذا كان الأطباء يعالجون مرضاهم بالنظر إلى أشياء عادية مثل شجرة أو منظر أو لون محدد، فكيف بمن ينظر إلى بيت الله؟
تعتبر الألوان وسيلة مهمة في الطب البديل، وإن الذي يذهب في رحلة الحج ويمتع نظره بتأمل الكعبة المشرفة سوف يجد قوة ونشاطاً وسعادة في نفسه، فاللون الأسود الذي يتجلى على الكعبة وما كُتب عليها من آيات بالذهب يعطي إحساساً بالحيوية والنشاط، بل يساعد على شفاء الكثير من الأمراض!
وقد يعجب القارئ الكريم من هذا الأمر ولكنني وجدته صحيحاً مئة بالمئة، فأحد أساليب العلاج بالألوان المتبعة في الطب البديل أن تجلس وتتأمل في لون ما ترتاح له، وتتنفس بعمق وتتخيل نفسك أنك ترمي بكل السلبيات خارجاً، وتتأمل أنك تستمد الطاقة من هذا اللون. إن تكرار هذه العملية يؤدي إلى طرد الطاقة السلبية من الجسم والحصول على طاقة إيجابية تحس بها على الفور [16]. والسؤال: أليس هذا ما نمارسه في عبادة الحج عندما نجلس أمام الكعبة ونتأملها بألوانها الزاهية ونتخيل رحمة الله ومغفرته للذنوب، ونستيقن بأننا سنعود كما ولدتنا أمهاتنا أنقياء من الذنوب والمعاصي، وسنعود بفضل كبير من الله تعالى، أليس هذا ما يمارسه كل حاجّ خلال رحلة حجّه كاملة؟
تعتبر بئر زمزم أقدم بئر في العالم، وقد ثبُت طبياً أن ماء زمزم خال تماماً من أي فيروسات أو بكتريا أو كائنات دقيقة، وثبُت أيضاً أن هذا الماء يشفي من الأمراض المستعصية، بل إن هنالك دلائل تشير إلى أن ماء زمزم يحوي طاقة أكبر من الماء العادي، وربما تعجز الصفحات عن سرد قصص كثيرة لأناس يئس الطب من شفائهم، وعندما جاؤوا للحج أو العمرة وأخلصوا النية وشربوا من هذا الماء بقصد الشفاء شفاهم الله تعالى! ولذلك أخي القارئ يمكنني أن أقول بأن رحلة الحج كلها شفاء.
يبلغ عمق هذه البئر 30 متراً، ويتم ضخها على عمق ثلاثة أمتار فقط، يتم ضخ المياه من نبع زمزم بمعدل 8000 ليتر في الثانية، وبعد ضخ المياه لمدة 24 ساعة ينخفض مستوى الماء إلى عمق 13 متر تقريباً، ويثبت عند هذا المستوى مهما كانت الكمية التي يتم ضخها، ولكن وبمجرد توقف الضخ لمدة 11 دقيقة يعود مستوى الماء إلى 3 أمتار أي كما كان عليه من قبل [17] ، فسبحان الله! وصدق النبي الأعظم عليه الصلاة والسلام عندما قال: (ماء زمزم لما شُرب له) [رواه ابن ماجة].
وأخيراً
تعتبر تجربة الحج أفضل طريقة عملية لتقوية إرادة المؤمن، وإن الذي قام بتجربة الحج يلاحظ أنه عاد أقوى مما ذهب، ولو تأملنا أقوال علماء البرمجة نجدهم يؤكدون على أهمية مثل هذه التجارب، يقول الدكتور "تشاندلر" ينبغي عليك أن تمرن إرادتك كما تمرن عضلاتك [18]. كما أن رحلة الحج تعتبر درساً عملياً يتعلم فيه المؤمن الكثير، بل ويحتاجه المؤمن ليتعلم شيئاً جديداً. فهذا هو أحد علماء البرمجة اللغوية العصبية الدكتور ميرفي يقول: "حاول أن تتعلم شيئاً جديداً في كل يوم، وستجد عقلك في شباب دائم" [19].
ــــــــــــ